كابول - أ ف ب
قد يبدو العرض الكوميدي الذي يؤديه 9 من أفراد فرقة "ازدار" غريباً في بلد مثل أفغانستان يشهد مواجهة عنيفة منذ 9 سنوات بين القوات التابعة لحلف شمال الأطلسي والناشطين الإسلاميين، إلا أنه يندرج في إطار الجهود المتزايدة لإحياء المسرح الأفغاني الذي عرف عصره الذهبي في الستينات والسبعينات من القرن الماضي قبل أن تقضي عليه الحروب وإقفال المسارح في عهد حركة طالبان التي تولت الحكم في منتصف التسعينات.
وكان غيلدا شاهوردي، نائب مدير المركز الثقافي الفرنسي في كابول أستاذ المسرح في جامعة العاصمة، تمكّن من إنشاء فرقة "ازدار" مع مجموعة من طلابه السابقين، ومن الأعمال الدرامية لهذه الفرقة عرض "الأمير الصغير" لأنطوان دو سانت اكزوبيري في كابول.
إلا أن شاهوردي انتقل إلى الكوميديا والتهريج في عرضه الأخير في محاولة لتوسيع نطاق مؤهلات الممثلين، بيد أن الامور ليست بسهلة دائماً ويصعب احياناً إقناع الافغان الشباب بالصعود الى خشبة المسرح على ما يوضح شاهوردي.
ويقول في تصريحات صحافية: "أفضل الطلاب يريدون متابعة دروس في الطب او في إدارة الاعمال في حين يتابع الذين يمتلكون مؤهلات أقل دراسة الفنون"، مشدداً على أن بعض الافغان يعتبرون فن التهريج "مخزياً".
ويشكو بعض المختصين بشؤون المسرح والتمثيل في البلاد من أن التمويل محدود جداً للمشاريع المسرحية ويصعب الحصول عليه بينما تخصص مبالغ هائلة لأي مجالات أخرى، ويضاف الى ذلك أن الكثير من الممثلين الافغان الموهوبين ينتقلون الى الخارج لمواصلة حياتهم المهنية هرباً من الحرب والصعوبات، كما أن بعض الحضور يواجه صعوبة في متابعة العروض.
ويقول سيلفان مالغوير، وهو فرنسي عمل مع الفرقة لمساعدة أفرادها على اتقان فن التهريج: "الناس يقولون إنه عندما نذهب الى المسرح يصعب علينا التركيز لأن الحياة اليومية تضغط علينا كثيراً".
في المقابل، فإن بعض الممثلين يؤكدون أن قوة عروضهم أقنعت المقربين منهم بأن المسرح ليس مضيعة للوقت، وفي هذا الصدد يقول غلاب البالغ 19 عاماً: "عائلتي كانت تمنعي من التمثيل في المسرح حتى العام الماضي"، مردفاً: "لكن عندما قدمنا (الامير الصغير) في كابول خلال شهر سبتمبر الماضي أتوا لرؤيتي، وقد ضحكوا وصفقوا مثل الجميع".
ورغم الحماسة التي تتملكهم يؤكد الكثير من الممثلين أنهم يدركون أنهم قد لا يقدرون على الاستمرار في نشاطهم هذا طويلاً. ويقول الممثل ناصر: "أريد مواصلة التمثيل لكن اذا بات ذلك مستحيلاً فسنعمل كمزارعين كما كان آباؤنا".
تجدر الإشارة إلى أن العرض الأخير للفرقة أقيم الشهر الماضي في مقر المركز الثقافي الفرنسي أمام نحو 60 شخصاً، كما يشار إلى أن بعض الممثلين في فرقة ازدار يشاركون كذلك في فرقة باراز للدمى المتحركة التي تقوم بجولات منتظمة في الولايات الافغانية مع عروض تتناول القضايا الاجتماعية مثل الفساد.